بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة كتاب الطبقات، تأليف الشيخ محمد نور ضيف الله
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الحمد لله أعظم العظماء، المنزه عن الشبيه والشركاء، الذي شهدت بوحدانيته الفصحاء والعجماء، السميع البصير الذي لا يغيب عن سمعه وبصره موجود ما، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من في الأرض والسماء شهادة يزكو بها الفؤاد ويرتوي بعد الظماء.
وبعد فقد سألني جماعة من الإخوان، أفاض الله علينا وعليهم سحائب الإحسان وأسكننا وإياهم أعلى فراديس الجنان، بحرمة سيد ولد عدنان، أن أؤرخ لهم ملك السودان، وأذكر الأعيان، فأجبت سؤالهم بعد الاستخارة الواردة في السنة والإلهام، ولم يكن لأسلافنا وأسلافهم وضع في هذا الشان، إلا أن أخبارهم متلوة عند الخاص والعام، منها ما بلغ التواتر عندهم، فأحببت أن أذكر ما اشتهر وتواتر من تلك الأخبار، وذلك لأن الخبر عند الأصوليين من الأقسام اليقينية التي تفيد العلم بالشيء وتنفي عنه الشك والظن والوهم، فاقتديت بجماعة من المحدثين والفقهاء والمؤرخين فإنهم ألفوا في التاريخ والمناقب كالإمام عبد الغفار الفارسي في “تاريخ نيسابور”، والإمام الجلال السيوطي في كتاب “ حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة”، والحافظ بن حجر ألف كتابا في مناقب علماء عصره سماه “ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة”، والشيخ أحمد المقري ألف كتابا سماه “نفح الطيب في أخبار بن الخطيب”.
ثم ينبغي لنا قبل الشروع في المقصود أن أذكر شيئا في مدح الله لأنبيائه ورسله في كتابه العزيز فنقول،وبالله التوفيق، قال الله تعالى في حق آدم عليه السلام:
“وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ….” الآية إلى “ إن كنتم صادقين”،
وقوله تعالى “ إذ قال ربك للملائكة إني خالق “ الآية إلى قوله تعالى “إلا إبليس … “،
وقال تعالى في حق نوح:” إ...نه كان عبدا شكورا”.
وقال تعالى في إبراهيم وأولاده وزوجته عليهم السلام: “ إذ قال لأبيه يا أبت....” إلى قوله تعالى “... مليا”،
وقال تعالى في حق إبراهيم:” ….واتخذ الله إبراهيم خليلا”.
وقال الله تعالى:” إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا....” إلى قوله تعالى :”.... وإنه في الآخرة لمن الصالحين”،
وقوله تعالى:” ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين”،مقدمة كتاب الطبقات، تأليف الشيخ محمد نور ضيف الله
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الحمد لله أعظم العظماء، المنزه عن الشبيه والشركاء، الذي شهدت بوحدانيته الفصحاء والعجماء، السميع البصير الذي لا يغيب عن سمعه وبصره موجود ما، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من في الأرض والسماء شهادة يزكو بها الفؤاد ويرتوي بعد الظماء.
وبعد فقد سألني جماعة من الإخوان، أفاض الله علينا وعليهم سحائب الإحسان وأسكننا وإياهم أعلى فراديس الجنان، بحرمة سيد ولد عدنان، أن أؤرخ لهم ملك السودان، وأذكر الأعيان، فأجبت سؤالهم بعد الاستخارة الواردة في السنة والإلهام، ولم يكن لأسلافنا وأسلافهم وضع في هذا الشان، إلا أن أخبارهم متلوة عند الخاص والعام، منها ما بلغ التواتر عندهم، فأحببت أن أذكر ما اشتهر وتواتر من تلك الأخبار، وذلك لأن الخبر عند الأصوليين من الأقسام اليقينية التي تفيد العلم بالشيء وتنفي عنه الشك والظن والوهم، فاقتديت بجماعة من المحدثين والفقهاء والمؤرخين فإنهم ألفوا في التاريخ والمناقب كالإمام عبد الغفار الفارسي في “تاريخ نيسابور”، والإمام الجلال السيوطي في كتاب “ حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة”، والحافظ بن حجر ألف كتابا في مناقب علماء عصره سماه “ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة”، والشيخ أحمد المقري ألف كتابا سماه “نفح الطيب في أخبار بن الخطيب”.
ثم ينبغي لنا قبل الشروع في المقصود أن أذكر شيئا في مدح الله لأنبيائه ورسله في كتابه العزيز فنقول،وبالله التوفيق، قال الله تعالى في حق آدم عليه السلام:
“وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ….” الآية إلى “ إن كنتم صادقين”،
وقوله تعالى “ إذ قال ربك للملائكة إني خالق “ الآية إلى قوله تعالى “إلا إبليس … “،
وقال تعالى في حق نوح:” إ...نه كان عبدا شكورا”.
وقال تعالى في إبراهيم وأولاده وزوجته عليهم السلام: “ إذ قال لأبيه يا أبت....” إلى قوله تعالى “... مليا”،
وقال تعالى في حق إبراهيم:” ….واتخذ الله إبراهيم خليلا”.
وقال الله تعالى:” إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا....” إلى قوله تعالى :”.... وإنه في الآخرة لمن الصالحين”،
وقال تعالى في حق ابنها إسماعيل:” إنه كان صادق الوعد..” إلى ” ..رسولا نبيا” وكذلك إلى “.. مرضيا”،
وقال تعالى في مدح الجميع :” واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب..” الآية، إلى قوله تعالى :” … وكلا من الأخيار”.
ثم أخبر بجزائهم في الدار الأخرة:” وإن للمتقين لحسن مآب” الآية، إلى قوله تعالى:” ... ليوم الحساب”،
وقال تعالى في حق يوسف عليه السلام :” رب قد آتيتنني ..” الآية، إلى قوله تعالى:” ... والحقني بالصالحين”، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب،
وأخبر عن ايوب عليه السلام في سؤاله أن يكشف الضر ويرد إليه أهله وولده بقوله تعالى “ وأيوب إذ نادى ربه...” الآية، إلى قوله تعالى “...العابدين”، وقوله تعالى “وأرسلناه إلى مائة ألف...” الآية، إلى قوله تعالى “ ...فمتعناهم إلى حين”،
وقوله تعالى في حق موسى وأخيه هارون بقوله تعالى : “ وكلم الله موسى تكليما”، وقوله تعالى:” وناديناه من جانب الطور...” الآية إلى قوله تعالى “..نبيا”، وقوله أيضا “ ولقد مننا على موسى وهارون” الآية إلى إلى قوله تعالى: “ إنا كذلك نجزي المحسنين”، وقوله تعالى في موسى حين آذاه قومه :”...فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها”، ونحو ذلك كثير ،
وقال تعالى في حق داوؤد وسليمان ولده عليهما السلام فيما أعطاهم من الحكمة والحكم والملك: “ ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب” أي مطيع، وقال تعالى فيه :” .. وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب”، وقال تعالى فيهما:” وداود وسليمان إذ يحكمان...” إلى قوله تعالى:” .. وكنا لهم حافظين”، وقوله تعالى في ملك سليمان:” وألقينا على كرسيه جسدا...” إلى قوله تعالى : “... إنك أنت الوهاب”، وكذلك قوله تعالى :”..بغير حساب”، ثم أخبره تعالى بما أكنه له في الآخرة بقوله تعالى :”.... وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب”،
وقال تعالى في حق عيسى وأمه عليهما السلام:” وجعلنا ابن مريم وأمه آية ...” إلى قوله : “ ...ذات قرار ومعين” ، وهو أرض الشام، وقوله تعالى: “.. وأمه صديقة..” وقوله تعالى في اليهود الذين رموها بالإفك: “... وبكفرهم وبقولهم على مريم بهتانا...” وقولهم:” … إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم ..” إلى قوله تعالى :” .. ولكن شبه لهم ..”، وقوله تعالى في حق عيسى عليه السلام:”... وجيها في الدنيا والآخرة..”، الآية ، إلى قوله تعالى “ … من الصالحين”، وقوله تعالى : “ يا يحى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا” ، الكتاب المراد به التوراة، والحكم النبوة، “وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا”، الآية، إلى قوله تعالى:” ….ويوم يبعث حيا”. السلام من الله هو الأمان، أي الأمان عليه في المواطن الثلاثة في الآية لأنهن محل العطب،
وقوله تعالى في حق الخضر عليه السلام، يعني مع موسى وفتاه:”فوجدا عبدا من عبادنا: الآية، إلى قوله تعالى :”... من لدنا علما”،
وقوله تعالى في حق الملائكة:” كرام بررة”، وقال تعالى :” لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون”، وقال تعالى في حق جبريل حين طعنت قريش في إنزال الوحي:” إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين” إلى قوله تعالى:” … ثم أمين” وقوله تعالى : “ علمه شديد القوى”.
وأما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فله ألف معجزة، وقيل عدد الأنبياء: مائة وأربعة وعشرون ألفا، ويكفيك منها ما شهد به القرآن العظيم في قوله تعالى :” ولسوف يعطيك ربك فترضى”، ولأن الله تعالى جعل توسل الدنيا والآخرة على يده. ومنها الشفاعة لفصل القضاء بعد عجز الأنبياء والرسل عنها، وتتبع ذلك كثير لا نطيل بذكره.
ولما انتهى الكلام على ما اختصرته من مدح الله تعالى لأنبيائه ورسله وملائكته عليهم السلام، وكان قصدي من ذلك التوسل إلى الله بجنابهم الرفيع، وأن ييسر لي ببركتهم ما قصدته، وما ألفته، أن يفتح لي بجاههم فتح العارفين ويوضح لي ما خفي وأشكل علي فإنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، هو حسبي ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأقول ولنبدأ بالتاريخ المذكور:
اعلم أن الفونج ملكت أرض النوبة وتغلبت عليها في أول القرن العاشر سنة ستة عشر بعد التسعمائة (916هـ) وخطت مدينة سنار، خطاها الملك عمارة دنقس، وخطت مدينة أربجي قبلها بثلاثين سنة، خطاها حجازي بن معين، ولم يشتهر في تلك البلاد مدرسة علم ولا قرآن، ويقال أن الرجل يطلق المرأة ويتزوجها غيره في نهارها من غير عدة، حتى قدم الشيخ محمود العركي من مصر، وعلم الناس العدة وسكن البحر الأبيض، بنى له قصرا يعرف الآن بقصر محمود.
وفي أول النصف الثاني من القرن العاشر ولي السلطان عمارة أبو سكيكين الشيخ عجيب المانجلك، ففي أول ملكه قدم الشيخ إبراهيم البولاد من مصر إلى دار الشايقية ودرس فيها العلم، (مختصرخليل والرسالة)، وانتشر علم الفقه في الجزيرة، ثم بعد ذلك قدم الشيخ تاج الدين البهاري من بغداد وأدخل طريقة الصوفية في دار الفنج، ثم قدم التلمساني المغربي على الشيخ محمد ولد عيسى سوار الذهب بدنقلا وسلكه طريق القوم وعلمه علم الكلام وعلوم القرآن من تجويد وروايات ونحوها.
وانتشر علم التوحيد والتجويد في الجزيرة لأنه أخذ عليه القرآن عبد الله الأغبش ونصر ولد الفقيه أبوسنينة في أربجي، ثم ظهرت ولاية الشيخ إدريس بن الأرباب من غير شيخ قدم عليه، قيل أخذ من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقيل قدم عليه رجل من المغرب بالخطوة اسمه عبد الكافي، وبعده بيسير ظهرت ولاية الشيخ حسن ولد حسونة بمدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم الشيخ محمد بن قرم بدار بربر وأدخل فيها مذهب الشافعي، وانتشر مذهبه في الجزيرة، ثم قدمت المشايخة وخطت مدينة الحلفاية، ثم قدم حمد ولد زروق في الصبابي، ثم قدم الشيخ محمد المصري دار بربر ودرس فيها علم التوحيد والنحو والرسالة وانتشر علمه في الجزيرة، وجميع هؤلاء المشايخ المذكورين في دولة الشيخ عجيب، ومدتها إحدى وأربعين سنة، ثم في سنة تسعة عشر بعد ألف توفي(1019هـ)، وبعده بيسير قدم الشيخ صغيرون والشيخ عبد الرحمن بن حمدتو من دار الشايقية إلى دار الأبواب (شندي)، وقدم الشيخ عبد الرازق أبو قرون من دار الصعيد إلى دار الأبواب، وقدومهم في دولة الملك بادي أبو رباط.
وفي قري الأمر دائر بين قنيص وعجيب ولدي عريبي ولد عجيب، وبعدهم بيسير قدمت رابعة بنت القطب الرباني عبد الرحمن بن جابر وأولادها الفقيه الشيخ، وحمد الأغبش، وعبد الرحمن من دار الشايقية إلى الهلالية في زمن الملك رباط وعثمان ولد عجيب،
فأردت أن أجمع هؤلاء الأعيان في معجم وأذكر العلماء العاملين على حدة، وعلماء التوحيد على حدة، وقراء القرآن على حدة، والنجباء والشعراء على حدة، وأذكر الملوك والشيوخ المعتنين بأمر الدين، والأعيان المذكورين أبينهم بحروف الهجاء.